
عادل حمد
يرتبط السودان مع مصر بعلاقة اتصفت بخصوصية، أوجدتها عوامل جغرافية وتاريخية وثقافية . و أفضت خصوصية العلاقة إلى نشوء مصالح مشتركة ومنافع متبادلة بين البلدين .
هذه الحقائق الموضوعية رشحت البلدين لتقديم أنموذج تكاملي يحقق النفع لشعبي وادي النيل ، وذلك في الإنتاج الزراعي بما يحقق الأمن الغذائي مستفيدين من الأراضي الخصبة الشاسعة في السودان وتوفر الموارد المائية المختلفة، مع وجود خبرات زراعية وتقنية في مصر . هذا بجانب إمكانات الصناعات التحويلية و التبادل التجاري عبر وسائل نقل لا تعيقها عوائق طبيعية تحول دون مد الطرق البرية والسكك الحديدية والنقل النهري والبحري . و تتعدد صور وخيارات التكامل في مجالات شتى .
رغم هذه الإمكانات إلا أن المردود ضعيف لا يتناسب مع ما يمكن أن تحققه هذه الإمكانات الهائلة ، فقد ظل الحديث محصورا في التغني بهذه الإمكانات الكبيرة بدون تقديم خطط تنموية و خدمية تحقق التكامل المنشود . و بما أن الحقول لن تنتج قمحا بتفاعل ذاتي، و لن تخرج الأرض خيراتها من تلقاء نفسها ، فقد بقي الحال بائسا . وهذا ما يفسر البون الشاسع بين الإمكانات الكبيرة والمردود الضعيف . ولن ينصلح الحال الا بإرادة سياسية حقيقية تعمد إلى التخطيط السليم كمدخل لتصحيح الوضع الشائه .
و إذا عجز القطران عن تحقيق تكامل شامل ينتظم كل أنحاء البلدين فليشرع البلدان في تقديم أنموذج تكاملي مصغر يخضع للمراجعة والتعديل و التصحيح حتى تنضج التجربة تماما و يعقبها التوسع في الفكرة بزيادة الرقعة و إضافة مشاريع جديدة، حتى يصبح التكامل الكبير حقيقة ماثلة و يحقق الأهداف المرجوة .
و لعل أفضل مقترح لتطبيق فكرة الأنموذج التكاملي المصغر هو التوأمة أو التكامل بين الولاية الشمالية و محافظة أسوان ، يؤهلهما لذلك الجوار الجغرافي ، فيستفيد مواطنو الولاية والمحافظة من منتجات كل بلد خلال التبادل التجاري وعبر تجارة الحدود . ويمكن تحقيق التكامل الزراعي، وانشاء المسالخ للاستفادة من الثروة الحيوانية السودانية . كما يمكن لمصر تقديم مبادرات ذات صلة، تدفع بفكرة التكامل دفعا مثل إنشاء فروع لجامعات مصرية في مدن بالولاية الشمالية مثل فرع لجامعة أسوان في دنقلا و لجامعة جنوب الوادي في كريمة .كما يمكن إنشاء منطقة حرة في اسوان يمتد تأثيرها إلى أبعد من حدود الولاية الشمالية .
فلنبدأ بالأنموذج الأصغر ، عله يمهد للفكرة الأكبر .



