(صباح نيوز) في مواجهة مع الناطق الرسمي للجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر

* البيئة المدرسية متدهورة تماماً والمدارس تحولت خلال الحرب لمراكز إيواء للنازحين
* المعلمون هجروا المهنة وانخرطوا في أعمال أخري لمواجهة ظروف الحياة
* كوادر المؤتمر الوطني تحاول السيطرة علي مفاصل وزارة التربية والتعليم
————–
حاوره / الهادي محمد الأمين
• (لا تعليم في وضع أليم) دلالات هذا الشعار في ظل الواقع الراهن؟
– نقصد بهذا الشعار أنه غير ممكن وجود تعليم في وضع مصنوع وناتج عن إهمال الدولة للتعليم وعدم جعله أولوية من أولويات الدولة وعدم الإنفاق علي التعليم وينتج عن ذلك وضع أليم للتعليم وبالتالي البيئة المدرسية ستكون طاردة وغير جاذبة وتحول التعليم من كونه رسالة إلي سلعة وبالتالي يصبح التعليم لمن استطاع إليه سبيلاً وهذا يؤدي لحرمان قطاع كبير من الطلاب من التعليم وعدم شمول العملية التعليمية لكل أبناء السودان وهذا ما نراه ونعايشه الآن
• وماذا ترتب علي ذلك؟
– ترتب عليه أنه وفي العام 2016م أن 3 مليون طفل خارج المدرسة وفي العام 2020 تضاعف العدد ووصل إلي 6 مليون طفل خارج العملية التعليمية وبعد الحرب وصل العدد إلي 19 مليون طالب خارج المدرسة وبعد توقف الحرب في بعض مناطق البلاد انخفض العدد من 19 مليون إلي 12 مليون وهذا هو الوضع الأليم المقصود
• لكن في مقابل ذلك طرح شعار آخر (التعليم لا ينتظر) ؟
– في ظل هذا الواقع حاول البعض المتاجرة بالعملية التعليمية مستغلين شعار التعليم لا ينتظر السؤال ما هو واجب ودور الدولة في توفير مطلوبات العملية التعليمية؟ لأنه لا تناقض بين شعار التعليم في وضع أليم والتعليم لا ينتظر.
• التعليم والحرب .. الممكن والمتاح؟
– كما هو معلوم فإن الحرب أثرت علي جميع مناحي الحياة وكان للتعليم نصيب وهو تأثير بصورة مباشرة من بينه تحول المدارس لمراكز إيواء للنازحين وكذلك توقف التعليم في العديد من مناطق البلاد فما يزيد عن 10 ألف مدرسة أصبحت مراكز للإيواء أو تحولت لثكنات عسكرية أو هدفاً من أهداف المعارك حيث يتم قصفها وتدميرها من قبل طرفي الحرب كما حدث للعديد من المدارس في عدد من الولايات وكذلك خروج غالب التلاميذ خلال السنة الأولي من الحرب من العملية التعليمية في البلاد كما ذكرت لك أن عددهم يزيد عن الـ 19 تلميذ هذا إلي جانب الاذي النفسي الذي تعرضوا له من نزوح ولجوء وتشرد
• هل الأمر قاصر علي المدارس والطلاب فقط؟
– لا أبداً المعلم أيضاً باعتباره حلقة مهمة في العملية التعليمية تأثر بالحرب وألقت الحرب بظلال سلبية عليه من حيث توقف المرتبات وكذلك أصبح المعلم ما بين نازح ولاجئ ثم أخيراً إنقطاع المرتب رغم قلته وعدم سداد إستحقاقاته وكذلك معينات العملية التعليمية كالاجلاس والكتاب المدرسي مما جعلها الآن في وضع حرج يحتاج لترتيبات تعيده للعامين 22 – 2023م وقد وصفنا التعليم وقتها بكارثة جيل فحتي مرحلة كارثة جيل لن تستطيع الوصول إليها حالياً.
• هل هناك عملية حصر لطلاب قتلوا أو فقدوا خلال الحرب؟
– حقيقة توجد صعوبة بالغة في معرفة العدد الحقيقي لأن الحرب حتي الآن مستمرة والوصول لمصادر المعلومات أيضاً فيه صعوبة خاصة في المناطق التي لا زالت الحرب فيها مستمرة لكن من المؤسف حقاً وبحسب المشاهدات هنالك طلاب شاركوا في الحرب خاصة من المرحلتين الثانوية و المتوسطة وحاول الدعم السريع استقطاب مثل هؤلاء الطلاب وتحويلهم لجنود في صفوفه وفي المقابل فقد أصدر وزير التربية والتعليم قراراً بإعفاء الطلاب المشاركين في حرب الكرامة من الرسوم الدراسية لكن صراحة لا توجد إحصائية دقيقة عمن فقدوا أو قتلوا أو شاركوا في العمليات العسكرية
• هل هناك إحصاء عن عدد المدارس المتوقفة؟ خاصة في مناطق الحرب في كردفان ودارفور؟
– جملة المدارس في المراحل المختلفة تقدر ما بين 21 إلي 22 ألف مدرسة حكومية لكن دعك من مدارس دارفور وكردفان لماذا نذهب بعيداً حتي في العاصمة الخرطوم هناك مدارس لم تستأنف فيها العملية التعليمية
• تحديات العملية التعليمية الآن؟
– أكبر تحدي هو الزج بالعملية التعليمية في الحرب فأطراف الحرب تستخدم التعليم إما بتعزيز موقفه أو إضعاف موقف الطرف الآخر فالدعم السريع لا يريد أن تعطي العملية المدرسية شرعية للحكومة في بورتسودان وفي المقابل الحكومة تعتبر أن وجود المدارس في منطقة الدعم السريع تعطي شرعية له
• وماذا يعني ذلك؟
– تأسيساً علي ذلك أصبح التعليم نقطة لتصفية الحسابات ونتج عن ذلك عدم شمول العملية التعليمية والتعليم أصبح محوراً سياسياً في الحرب فاستمرار الدراسة هنا أو هناك تكتنفه المشاكل والتحديات والمهددات وترتب علي ذلك فتح المدارس دون مراعاة للظروف ظروف الطلاب وأولياء الأمور والبيئة المدرسية والواقع الذي نعيشه كواقع النزوح والتشرد واللجوء هذا إلي جانب إرتفاع كلفة التعليمية وفرض الرسوم الباهظة التي تثقل كاهل الأسر.
• هل هناك إشكالات في المناهج والمقررات .. تغيير المناهج .. تداخل المراحل؟
– الدفعة التي بدأ فيها تغيير المناهج وصلت الآن للصف الثاني الثانوي واستمر تغيير المناهج عام بعد عام إلي أن وصلت للدفعة للصف الثالث المتوسطة وبعد المرحلة المتوسطة توقف تغيير المناهج وحالياً شكلت لجنة حكومية ونحن من جانبنا أبرزنا مخاوفنا وهي مخاوف تتعلق بأن اللجنة تريد إعادة عقارب العملية التعليمية إلي عهود حكومة المؤتمر الوطني بشكل أو بآخر .
• ما هو الهدف من ذلك؟
– القصد بالنسبة لنا واضح وهو الرجوع بالمناهج إلي ما قبل الثورة وهو منهج المؤتمر الوطني وبالتالي ما نفهمه أن تغيير المناهج لا يقصد به التعليم والوقت غير مناسب فالهدف ليس تطوير العملية التعليمية أو إصلاح المناهج وإما لهدف آخر كما ذكرت لك
• هل لديكم معلومات عن البيئة المدرسية الآن؟
– نعم البيئة التعليمية منهارة تماماً فكما وضحت لك المدارس كانت مراكز إيواء للنازحين وفي ولاية الخرطوم إما كانت عبارة عن ثكنات عسكرية أو تم استهدافها والآن تم إستئناف العملية الدراسية دون أي تأهيل أو إعادة صيانة لها بشكل جيد يجعلها بيئة جاذبة للتعليم بجانب أنه لا يوجد صرف للتعليم بميزانيات مرصودة
• التعليم الحكومي والتعليم الخاص في ظل الحرب ؟
– في ظل الحرب يبرز التعليم الخاص كواحد من الخيارات خاصة للمقتدرين وميسوري الحال لمواصلة تعليم أبنائهم حتي لو كانت التكلفة عالية وبالتالي الواقع أصبح بيئة خاصة لنمو التعليم الخاص مع تراجع التعليم الحكومي ورفع الدولة يدها عن التعليم بصورة كاملة فحتي مكاتب التعليم في المحليات يتم تحميل أولياء الأمور بصورة غير مباشرة مسئولية الصرف عليها كما هو الحال في محليات جبل أولياء وكرري وشرق النيل وبحري وغيرها حيث فرض رسوم باهظة علي الطلاب
• إجمالاً هل لديكم أي تحفظات حول العملية التعليمية الجارية الآن؟
– صراحة ليس لدينا أي تحفظات حول العملية التعليمية لكن نطالب بأن تتحمل كل أطراف العملية التعليمية مسئوليتها بالكامل حتي تستمر فالمرتبات لا توفي بأي إلتزامات والوزارة لا تريد سداد متأخرات المعلمين التي زادت عن العامين وتهمل البيئة المدرسية وفي ذات الوقت تريد إستمرارها
• هل لديكم تحفظات حول سياسات وزارة التربية والتعليم علي المستوي الإتحادي ؟
– حقيقة علي المستوي الإتحادي أصبحت وزارة التربية والتعليم مكاناً المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وسيطرة عناصرها علي كل المفاصل بالوزارة وهذا سيؤدي لتفشي المحسوبية وسيكون مدخلاً للفساد الإداري وهذا من شأنه تغييب مبدأ المحاسبة والشفافية وبالتالي السياسات التعليمية الآن لا تخدم الهم العام بقدر ما تخدم خط معين وتسعي بالعودة لواقع التعليم لعهد المؤتمر الوطني وتثبيت سياساته
• هل لديكم علاقة مع وزارة التربية والتعليم من جهة والإتحاد المهني للمعلمين؟
– ليس لدينا علاقة مباشرة مع الوزارة لكن رؤيتنا مبذولة ومتاحة وظللنا دوماً نبرز رؤيتنا فيما يخص العملية التعليمية وما يليها فأحياناً رؤيتنا تصادف رؤية الوزارة وأحياناً أخري تخالفها لكن عموماً نحن في اللجنة خطنا واضح لكن همنا هو ألا يكون التعليم لمن استطاع إليه سبيلاً وألا يكون وسيلة لإقرار واقع الحرب وأن يكون تعليماً عادلاً وشاملاً لا يستثني أحداً
• هل هناك أي مساعي للعمل لاستعادة النقابة؟ وهل هناك أي خطوات أو مبادرات في هذا الشأن؟
– الظرف غير مواتي لإستعادة النقابة وحتي خطوات المسجل العام لتنظيمات العمل لا نعترف بها فالنقابة التي أعادها المسجل هي نقابة ما قبل العام 2019م بهدف إختطاف الصوت الحقيقي للمعلم فالنقابة ميتة وحاول المسجل نفخ الروح فيها بهدف تغييب صوت المعلم فالنقابة عادت علي الورق فقط لكن عودة حقيقية لم تعد كذلك وهذا لن يحدث
• حدثنا عن واقع المعلم في ظل الوضع الراهن؟
– واقع مزري ومؤلم للغاية ولا يحفظ كرامة المعلم باعتباره الركيزة الأولي في العملية التعليمية فأعلي مرتب يبلغ 96 ألف جنيه بما يعادل 30 دولاراً وأدناه 12 ألف جنيه تعادل 3 دولارات ونصف لك أن تتخيل أنت محتاج لمليون و 600 لتوفي بمطلوبات الأسرة فكيف تسد هذه الفجوة وهذا أدي لإبتعاد المعلمين عن المهنة وتغيير عملهم والبحث عن مهن أخري فالتعليم مهنة طاردة وعلي أسوأ الفروض مهنة رديفة
• ملف المرتبات هل هناك أي معالجات له؟
– المرتبات غير منتظمة لمدة سنتين وكذلك ليست لها قيمة شرائية في السوق بحيث أنها لا توفي بمتطلبات الحياة وتحتاج لمعالجة وذلك من خلال سداد كل المرتبات والانتظام في صرفها وتعديل المرتبات بما يتماشى مع الواقع والظروف الحالية ونحن قدمنا مقترحاً أو تصوراً لرفع المرتبات من 12 ألف جنيه إلي 144 ألف جنيه وهذا هو الحد الأدنى
• نسمع كثيراً ويتردد أن هناك فساداً في قطاع وحقل التعليم .. هل لديكم أي فكرة عنها؟
– صراحة بعد إنقلاب 25 أكتوبر لا توجد أي آليات لمكافحة الفساد أو ملاحقته وهذا فتح الباب واسعاً لتزايد دائرة الفساد والثراء خاصة في التعليم تخيل معي مدير التعليم في محلية الخرطوم يبيع إستمارات الإجازات للمعلمين بمبلغ 10 ألف جنيه كاش أو عبر تطبيق بنكك (قوة العين دي من وين) ؟ (لأنو عارف إنو ما في آليات لمكافحة الفساد) وهذا نموذج واحد فهذه مافيا التعليم
• هل هناك متابعات للمعلمين المعاشيين؟ وما هي التحديات التي تواجههم؟
– واقع المعلم في المعاش هو نفس واقع المعلم في الخدمة التجاهل وعدم الإهتمام وتأخر صرف المرتبات هناك سرعة في إحالة المعلم للمعاش وتباطؤ في سداد الاستحقاقات
• هل لديكم أي مشاركات في عمليات المراقبة والتصحيح علي مستوي إمتحانات الشهادة الابتدائية – المتوسطة والثانوية؟
– المشاركات تأتي في الإطار العام هنالك مدرسون مشاركون باعتبار إنهم معلمين لكن في حال تم التعرف علي معلم ضمن عضوية لجنة المعلمين السودانيين سيتم استهدافه كما حدث لمعلمي ولاية القضارف فبعد وصولهم لمواقع التصحيح في عطبرة تم إرجاعهم فالذين رجعوا لوزارة التربية والتعليم وتحكموا في القرار هم منسوبو المؤتمر الوطني ويريدون تصفية حساباتهم
• مدارس الصداقة السودانية؟
– هذه بؤرة المحسوبية لا توجد أي شفافية في الإختيار ولا معاييره وهذا باب أتي منه المحاسيب وإن كانت هناك مسحة شفافية لكنها علي الورق فالإختيار يتم علي أسس أخري وفي دائرة ضيقة للمقربين فقط
• ماهي المهددات التي تواجه المعلم حالياً؟
– أكبر مهدد يواجه المعلمين بل يواجه البلاد عامة هو اتجاه المعلمين لإيجاد مهنة بديلة والتقديم لإجازة بدون مرتب وتحولت هذه إلي ظاهرة أن المعلم يترك مهنته للبحث عن مهنة أخري وهذه أعداد كبيرة للغاية المعلم يحاول توفيق أوضاعه وهناك فتح فرص تعيين جديدة مما يعني وجود فجوة في التعليم
• هل لديكم أي مشاورات مع المركز القومي المناهج في وضع وتغيير المناهج؟
– ليس لنا أي تواصل مع المركز القومي للمناهج وحقيقة الوقت الآن غير مناسب لتغيير المناهج فالاولوية ليست تكوين لجنة لمراجعة المناهج فإذا كان هناك رغبة حقيقية في إصلاح حال التعليم والمناهج أولاً إيقاف عمل هذه اللجنة ومن ثم الإستعاضة عنها بمنهج الطوارئ (التعليم في الطوارئ) لحين وقوف الحرب فالتعليم منهار وبهذه السياسات سينهار أكثر فالتعليم ليس حق لجهة معينة وإنما لكل السودانيين
• هناك اتهامات أن اللجنة تتبع لقوي اليسار والشيوعيين يقفون خلفها ولها علاقة بقوي الحرية والتغيير ومنحازة للدعم السريع رد كم في مواجهة هذه الاتهامات؟
– اللجنة جزء من قوى الثورة وهذه ليست تهمة إنما شرف لا ندعيه واللجنة تضم كافة أطياف الشعب السوداني ولا حجر فيها على رأي، ومنحازة تماماً للمعلم والتعليم فالذين يصنفون اللجنة بانها داعمة للدعم السريع هم الذين كانوا يلعقون حذاء حميدتي ويصفونه بحامي الحمى والدين
• مصادر التمويل والدعم المالي والمادي للجنة من أين؟
– مصادر الدعم والتمويل قناعة أعضاء اللجنة بعدالة القضايا التي تطرحها، فتمويلها ذاتي من عضويتها وليس لها مصادر خارجية
• اللجنة هدفها سياسي لتحقيق أجندات لا علاقة لها بالتعليم ولا المعلمين؟
– اللجنة تعمل على إصلاح حال المعلم والتعليم وتطرح مشروع التغيير الجذري في التعليم من حيث الفلسفة والأهداف والسياسات والقوانين والمناهج، والبرامج والخطط بما يخدم الشعب السوداني
• لكنكم غارقون في بحر السياسة؟
– الذين يتهمون اللجنة بهذه الاتهامات هم الغارقون في السياسة وقد استخدموها لاختطاف الصوت النقابي وتكميم الافواه يحاولون حرمان الآخرين من حقهم في العمل العام في الوقت الذي يصادرون فيه هذا الحق ويستخدمونه في الباطل بدلاً عن إحقاق الحق ونحن نرى أن السياسة جزء من الحياة ويجب أن يشارك المعلمون في رسم سياسة البلد التعليمية والاقتصادية لأنهم متأثرون بها
• هل اللجنة حالياً جزء من تحالف صمود؟
– نحن مؤسسون لتحالف رفض الحرب وبالتالي نحن جزء من أي مجموعة تسعى لوقف الحرب بالطرق السلمية وتستعيد الثورة.



