
طفحت علي السطح خلال الأشهر الماضية خلافات عميقة داخل المجتمعات المحلية بمنطقة عبري التابعة لمحلية وادي حلفا بسبب الموقف من قيام سوق الكرامة للتعدين بـ (كويكة) الذي أجازته حكومة الولاية ليكون موقعا للتنقيب عن الذهب في المنطقة .
(1)
وفي أول رد فعل علي إنشاء السوق المقترح ظهرت أجسام ترفض قيام المشروع من بينها اللجنة التنفيذية لمناهضة سوق الكرامة التي رفعت شعار (لا لسوق الكرامة، لا للزئبق، لا للسيانيد، لا للموت بمخلفات التعدين، نوبة خالية من السموم والذهب لا يساوي صحتنا) ثم تلا ذلك تكوين لجنة سداسية أخري من الأهالي وعقدت عدة إجتماعات أعلنت فيه رفضها لقيام المشروع وأرجعت أسباب رفضها لإفتقاد السوق إلى الإشتراطات والأسس العلمية السليمة ودون مراعاة الأضرار المترتبة على قيامه ودون مراعاة البعد الآمن حسب قرار ولائي بتحديد الا يقل أي نشاط تعديني يؤثر على سكن المواطنين عن 25 كيلومتر على الأقل ولتعزير رفضها رفعت اللجنة مذكرات للجهات الرسمية تطالب بإيقاف المشروع وتنظيم وقفات إحتجاجية أمام مبني رئاسة إدارية عبري ترفض قيام سوق التعدين .
(2)
وكشفت هذه اللجان عن وجود مقترحات أخرى مثل مقترح سوق أبو طاقية الذي يمكن أن تتوافر فيه الكثير من الإشتراطات والمتطلبات وأكدت اللجان الرافضة لقيام سوق الكرامة للتعدين أنها أعدت دراسة تناولت فيها الجوانب السلبية والآثار البيئية والصحية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية المترتبة على قيام السوق وتأثيراتها على المجتمع المحلي مما يهدد صحة وبيئة وأمن وسلام المنطقة وطالبت هذه اللجان السلطان المحلية بوادي حلفا بإلغاء المشروع تماماً والإستعاضة عنه بالمشروع المقترح مثل سوق أبو طاقية
(3)
وقدمت اللجنة الرافضة لقيام سوق الكرامة العديد من المبررات التي دفعتها لمناهضة قيام السوق من بينها قرب السوق لمنطقة كويكة الأمر الذي يتسبب في تلوث بيئي ممثلاً في الغبار والغازات السامة الناتجة عن التعدين وتأثير ذلك علي الإنسان والحيوان علي حد سواء هذا إلي جانب أن مخلفات التعدين تحتوي على مواد سامة وقاتلة تسبب أمراض خطيرة وتؤثر على الزراعة والحيوانات والمياه والتربة كما تهدد المنطقة بفقدانها للغطاء النباتي وتدهور بيئتها الطبيعية هذا عطفاً علي ظهور سلوكيات دخيلة وإرتفاع معدلات الجريمة وإنتشار المخدرات والتحرش وتهديد النسيج الإجتماعي والترابط الأسري نتيجة لتوافد الغرباء والأجانب إلي المنطقة
(4)
في مقابل حالة الرفض والإحتجاج من لجنة مناهضة قيام سوق الكرامة ظهر حشد جماهيري آخر مؤيد لقيام سوق الكرامة من أبناء المنطقة وقام الحشد بتسليم مذكرة للادارة التنفيذية بوحدة عبري تاييداً لقيام سوق الكرامة في منطقة كويكة لكن وفق شروط تنظيمية وأشارت المذكرة إلي أن السوق يعتبر مشروعاً إقتصادياً وتنموياً مهماً للمنطقة ويؤدي لإنعاش المنطقة مع التشديد على تطبيق الإشتراطات الضرورية وقال رئيس اللجنة الداعمة لسوق الكرامة أسعد إبراهيم بركية أن هذه الشروط تمثل أساساً ضرورياً لحماية صحة الإنسان وسلامة البيئة واستقرار الأمن المحلي مبيناً ان المواطنين ليسو ضد فكرة السوق بل يطالبون بتنفيذه بصورة مسؤولة تحفظ الأرواح وتحقق الفائدة العامة
(5)
ومن أبرز الشروط الواردة في المذكرة إنشاء وحدة علاجية متكاملة داخل السوق ومنع استخدام المواد الضارة مثل مادتي البورميل والسيوريا والزئبق والسيانيد بجانب توفير مراكز للشرطة والأمن والإستخبارات وإنشاء شركات للطرد المركزي بدلاً من أحواض الغسيل التقليدية وتخصيص نسبة من العائدات لتنمية القرى المجاورة ومن جانبه أعلن مدير وحدة عبري الإدارية وليد صالح خليل أن إدارته علي أتم الاستعداد لتلبية هذه المطالب المشروعة وتنفيذ الشروط المطروحة بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة تحقيقاً للمصلحة العامة وضماناً لقيام سوق الكرامة بصورة آمنة ومنظمة
(6)
فيما طالب عدد من أبناء المنطقة بأهمية استخدام محارق مغلقة وآمنة لحرق الزئبق وفق المعايير البيئية مع إقامة شركات الطحن بعيدًا عن مجاري السيول حمايةً للأرواح والبيئة وتعيين أبناء المنطقة ضمن طاقم العاملين في الشركة السودانية للموارد المعدنية داخل السوق وتخصيص نسبة من عائدات التحصيل كحصة ثابتة للقرى المجاورة دعمًا للتنمية المحلية وإشراك أبناء المنطقة كمحصلين ضمن طاقم التحصيل مع تخصيص مربعات تجارية مجانية لهم وقطع أبناء المنطقة أنه من دون تنفيذ هذه الشروط لن يحظى سوق الكرامة بموافقة اللجنة التنفيذية ولا بدعم الأهالي.



