اقتصاد
أخر الأخبار

انسحاب شركة النفط الصينية من المربع النفطي في السودان .. ارتدادات خطيرة على قطاع النفط في جنوب السودان 

بقلم /نقور كوريوم مييك

يمثّل قرار شركة النفط الوطنية الصينية الانسحاب من عمليات المربع 6 في السودان قبل 31 ديسمبر 2025 نقطة تحول حاسمة لا تقتصر على اقتصاد السودان فحسب، بل تمتد آثارها إلى دولة جنوب السودان المجاورة ، ورغم أن الخطوة جاءت نتيجة مباشرة للصراع الدائر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فإن تداعياتها تتجاوز حدود السودان لتطال جنوب السودان، الذي يعتمد اقتصاده بدرجة كبيرة على النفط ، ويشير هذا الانسحاب إلى حالة من عدم الاستقرار، واضطرابات لوجستية، وغموض اقتصادي طويل المدى.

1. اضطراب في نقل النفط والإيرادات

حيث يعتمد جنوب السودان بشكل كبير على عائدات النفط، إذ يجري تصدير الخام عبر الأنابيب التي تمر في الأراضي السودانية، بما في ذلك البنية التحتية المتصلة بالمربع 6 ويؤدي انسحاب الشركة الصينية إلى إضعاف القطاع النفطي السوداني ككل، ما قد يهدد انسياب النفط ويقلل من أمن خطوط الأنابيب التي تعتمد عليها جنوب السودان أي تعطيل في الوصول إلى خطوط الأنابيب أو البنية اللوجستية قد يؤخر الشحنات، ويخفض حجم الصادرات، ويقلص الإيرادات الحيوية التي تموّل الرواتب الحكومية والمشروعات التنموية والخدمات الأساسية.

2. إضعاف البنية التحتية النفطية الإقليمية

إن الشراكة بين السودان وجنوب السودان في إدارة البنية التحتية النفطية—التي بُنيت إلى حد كبير بفضل استثمارات وإشراف الشركة الصينية الوطنية تواجه الآن فراغًا كبيرًا ، فغياب الخبرة الفنية والاستثمارات والصيانة التي كانت توفرها الشركة يزيد من مخاطر الأعطال الفنية وانهيار خطوط الأنابيب ، وقد تضطر جنوب السودان للبحث عن شركاء جدد أو زيادة استثمارها في البنية التحتية للنفط، وهي عملية ستتطلب وقتًا وتكاليف باهظة.

3. تأثير على ثقة المستثمرين في سوق النفط

يرسل انسحاب الشركة الصينية رسالة قوية للمستثمرين العالميين مفادها أن المنطقة غير مستقرة ولا تصلح للاستثمارات طويلة الأجل، ويمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على محاولات جنوب السودان لجذب شركاء دوليين لمشروعات توسعة الإنتاج أو الاستكشاف أو التكرير. كما يقوّض قدرة المنطقة على ضمان أمن الطاقة في ظل الحروب وعدم الاستقرار السياسي.

4. الحاجة إلى إعادة التفكير الاستراتيجي في جنوب السودان

يجب أن يشكّل هذا الانسحاب جرس إنذار لصناع القرار وأصحاب المصلحة في جنوب السودان فالاعتماد المفرط على خط أنابيب واحد وشراكة سياسية هشة مع السودان لم يعد خيارًا قابلًا للاستمرار وعلى جنوب السودان أن يبدأ بالنظر في خيارات بديلة، مثل :

– التفاوض للحصول على استقلالية أكبر في استخدام خطوط الأنابيب أو إنشاء مسارات بديلة عبر شرق إفريقيا (مثل كينيا أو جيبوتي)

– تعزيز الحوكمة النفطية والشفافية لجذب مستثمرين دوليين آخرين

– الاستثمار في قدرات التكرير المحلية لتقليل الاعتماد على التصدير الخام

الخلاصة

إن انسحاب الشركة الصينية من المربع 6 ليس مجرد قرار تجاري، بل هو إشارة تحذير للمنطقة بأكملها وبالنسبة لجنوب السودان، فهو يحمل تحديات وفرصًا في الوقت نفسه : تحديًا لتأمين شريانها النفطي في ظل ظروف متقلّبة، وفرصة لإعادة التفكير في بنيتها الاقتصادية، وتقليل اعتمادها على مسارات العبور عبر السودان، وبناء مستقبل أكثر تنوعًا ومتانة ، ومن دون اتخاذ خطوات جادة، قد تترك تداعيات انسحاب الشركة الصينية جنوب السودان عُرضة لخسائر اقتصادية كبيرة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى