ديسمبر أمّ الثورات (عائدة وراجحة)
في الذكرى السابعة لثورة ديسمبر المجيدة: بماذا تفردت؟ وكيف نستعيد مشروعها الوطني؟

صديق الصادق المهدي
أذهل شعب السودان العالم، شبابه ونساءه ورجاله، بخروجه في مواكب مليونية هادرة، جسّدت وحدة وطنية نادرة، جمعت كل مكونات البلاد وجهاتها المتنوعة في ثورة فريدة في عصرها، بل وفيما سبقه من أزمان. ثورة تفردت بطول النفس، وعلو كلفة التضحية، حيث استمرت المواكب والاعتصامات لما يقارب نصف عام، واجه خلالها الثوار آلة نظام قمعية شرسة، مارست عنفاً مفرطاً، فقوبلت ببسالة منقطعة النظير، أساسها السلمية الصارمة وتجنب العنف، حتى في أحلك اللحظات وأكثرها دموية.
ديمسبر كانت خياراً أخلاقياً واعياً، عبّر عن نضج سياسي واجتماعي عميق، تجلّى في التمسك بالأخوة الوطنية، ورفض كل أشكال العنصرية والجهوية، فارتفعت الهتافات الجامعة: ” يا عنصري ومغرور، كل البلد دارفور “، وترسخت القيم النبيلة للتكافل والتضامن: ” عندك خُت، ما عندك شيل”. بذلك أعادت ديسمبر تعريف الوطنية بوصفها ممارسة يومية، لا شعاراً أجوف.
من هنا، نؤمن أن مشروع ديسمبر هو مشروع مستقبل السودان، مشروع قيم وشعارات واضحة: حرية، سلام، وعدالة… والمدنية خيار الشعب. مشروع وحّد غالبية الشعب السوداني، باستثناء سدنة النظام المباد؛ نظام الإبادة والقهر، والمليشيات، ونهب الموارد، ووضع أساساً متيناً لمشروع مدني ديمقراطي حقيقي.
إن واجبنا اليوم، وفاءً لشهداء ديسمبر ومن سبقوهم، ووفاءً لثوار ديسمبر ومن سبقوهم، أن نضاعف الضغط من أجل إيقاف الحرب، والحفاظ على وحدة شعب وأرض السودان، والعمل الجاد على تفصيل محاور المشروع المدني الديمقراطي، انطلاقاً من ديسمبر كأساس لا بديل عنها. كما يتطلب ذلك الانفتاح على المبادرات الدولية والإقليمية، ومنها مبادرة الرباعية الدولية، بوصفها مكمّلاً يتقاطع مع جوهر المشروع المدني الديمقراطي، وباعتبار الدور الدولي والإقليمي عاملاً مهماً في إيقاف الحرب وتقديم العون الإنساني.



