تقارير و تحقيقات وحوارات
أخر الأخبار

كسلا التي رأيت .. مشاهدات عن الناس والواقع والحياة (1) 

كسلا / الهادي محمد الأمين 

كل شئ في مدينة كسلا تغير ، الناس والحياة والبيئة وبدا واضحاً أن حركة النزوح رسمت ووضعت بصمتها علي المدينة علي نحو تسبب في تغيير وجه المدينة وطرقاتها وسوقها الكبير ، تجولت في كسلا وتنقلت داخل أحيائها السكنية وطفت علي الأسواق ومشيت في شوارعها والتقيت بالعديد من سكانها ومواطنيها ، وأول ما لفت نظري أن المسجد العتيق اختفي تماماً لكثرة المحلات والدكاكين والطبليات والأكشاك ومحلات بائعات الشاي والقهوة التي أخفت معالمه تماماً، ثم رأيت سوقاً صغيراً بالقرب من المستشفي أغلب البائعين فيه من الشباب الذين يعرضون القوقو والمستعمل الذي يجد رواجاً وإقبالاً من المشترين وما انتبهت له كذلك إنتشار محلات بيع السجائر التبغ والتمباك والشيشة .

(1) 

وكلما أجلس لتناول وجبة أو شرب قهوة تمر علي الجالسين المتسولات من النساء بمختلف الأعمار يطلبن المساعدة وهن منتقبات وآخريات يحملن صناديق من الكرتون طلباً للتبرع فظاهرة التسول في سوق كسلا مزعجة للغاية ووفقاً لإفادات من تحدثت معهم فإن أغلب المتسولات يسكن في مناطق علي أطراف المدينة يؤتي بهن في سيارات ويتم توزيعهن منذ الصباح الباكر بخارطة إنتشار منظمة علي الأسواق والمواقف وأماكن الكثافة السكانية ، ومن الظواهر السالبة كذلك عصابات الخطف و 9 طويلة التي تختفي حينما تبدأ السلطات المحلية في ملاحقة أفراد العصابة ثم تظهر مرة أخري في حال وجود أي تراخي لتعقبهم أو مطاردتهم وأنت تتجول في السوق لابد أن تكون حريصاً علي إخفاء هاتفك وأموالك وإلا ستكون عرضة للخاطفين والنشالين وضحية لللصوص خاصة في الموقف العام للمواصلات، ومن المظاهر الجديدة التي لم تكن موجودة ولا معهودة ظاهرة تزايد التشرد خاصة الأطفال تجدهم يتحركون في مجموعات وآخرين يعملون في المهن الهامشية خاصة الاورنيش والبقية منهم يمارسون مهنة العمل بالدرداقات وبيع التسالي والفول المدمس وبعض هؤلاء من المتسربين من المدارس والبعض الآخرين من النازحين.

(2) 

أحاديث المدينة تتحدث عن إنتشار سرقة المواتر وهي ظاهرة قديمة متجددة فكسلا هي مدينة المواتر بلا منازع بسبب كثرتها وبين كل موتر وموتر تجد موتراً ثالثاً حيث يتملك الجميع المواتر بكل الفئات العمرية ومع سرقة المواتر تزداد سرقة السيارات خاصة البكاسي وللحقيقة فإن للمواتر أسواق ودلالات وللسيارات أكثر من دلالة وبعض المواتر لا تحمل لوحات ومن الغريب أن السلطات المحلية تمنع الركشات وحظرت التكاتك لكنها تراجعت وسمحت لها بالتنقل مع تزايد حركة الكارو سواء التي يقودها الحصان أو الحمار وتنتشر كارو المياه بشكل لافت للأنظار ، وكما قلت ظهرت دلالة كبيرة جديدة للسيارات تقع بالقرب من الطريق الأسفلتي المؤدي إلي كسلا عبر كوبري القاش (دلالة المنقات) علي مرمي حجر من سنتر جامعة كسلا وتزايد الحركة النشطة فيها ارتبط بموجة النزوح حيث كان موقع الدلالة بالسوق الكبير ثم انتقلت لوسط المدينة قبل أن يتم ترحيلها لموقعها الجديد هذا إلي جانب دلالة السيارات بالسوق الشعبي وكذلك توجد دلالة غرب القاش للمواتر بالقرب من نادي فريق القاش ولأن الشئ بالشئ يذكر فإن أغلب حافلات النقل والمواصلات وفي جميع الخطوط قديمة ومقاعدها متهالكة سواء كانت حافلات كبيرة أو الهايس والكريس ومما يزيدها سوءاً رداءة الطرق وكثرة الحفر والدقداق.

(3) 

من مشاهداتي خلال التجول في كسلا تجد إنتشار المستوصفات والمشافي والعيادات الخاصة والمعامل والمختبرات والصيدليات بصورة ظاهرة للغاية ، ومن المفارقات أن كثرة المؤسسات الصحية لا تنعكس علي واقع الناس وتظهر حالة معاكسة ومغايرة أو تناسب عكسي تتمثل في تفشي الأمراض والأوبئة فرغم الأعداد الكبيرة لهذه المشافي والصيدليات لكن لا توجد أي حالة تؤشر لانخفاض الأمراض والأوبئة بل هناك إنتشار لأمراض متوطنة كالدرن أو السل في مناطق شمال المدينة هذا بالإضافة لارتفاع معدلات الإصابة بالملاريا وحمي الضنك ومن قبل إنتشار الكوليرا خاصة في مناطق ود شريفي وقُلسا مؤخراً ، كما أن هناك ضعف واضح في الخدمات الصحية في أرياف كسلا مما يجعل مواطن الريف يزحف نحو المدينة بحثاً عن الرعاية الصحية والعلاج وبغرض الإستشفاء ، ورغم أن المستشفي التعليمي يستقبل طالبي الخدمة لكن هناك ضعف في تقديم الخدمات الصحية مع تردي البيئة كما أن بعض مواقع وأقسام المستشفي غمرتها مياه الصرف الصحي فتم تحويل حوادث الجراحة إلي قسم الجلدية مع توقف العمل في قسم الأشعة وخروجه تماماً عن الخدمة نتيجة لتعطل الأجهزة وتوقفها ، هذا الواقع هو الذي تسبب في كثرة ظهور المشافي الخاصة واتجاه رجال الأعمال للإستثمار في القطاع الصحي والتنافس في تأسيس المستوصفات والمعامل والمختبرات والصيدليات فالقطاع الخاص بدأ يتمدد في ولاية كسلا وكذلك في المناطق التابعة لها كحلفا الجديدة وخشم القرية في ظل قصور التغطية الصحية علي مستوياتها الرسمية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى